نبذة تعريفية وتاريخية عن بانت

عندما يكون الحديث عن بانت فالأمر يختلف ، تتقاصر الكلمات وتتقازم الحروف في وصفها واعطائها حقها ومن أي زاوية تبدأ وإلي أين تنتهي . فالامر ذو شجون كما أنه صعب سبر اغواره . لان الخوف من أن تقصر في حقها يجعلك اسير كثير من المشاعر والمخاوف . ولكن كان لابد من الخوض في غمار بحرها والغوص في اعماقه لاستخراج درره واكتشاف اعماقه والاستمتاع بمكنونه وضرورة معرفة كافة جوانبه التاريخية والجغرافية والدينية والادارة الاهلية والنشاط الرياضي والثقافي والاجتماعي إلي آخره ..
فالامر يحتاج لجهد كبير وعمل مشترك من كافة ابناء بانت الحادبين على مصلحتها والعارفين لصغائرها قبل كبير الاشياء فيها . هي رمز لدولة ، نموزج مصغر للمجتمع السوداني بكل فئاته وقبائله المتنوعة وتنوعه الثر الذي افضى بتلك الشخصية السودانية المتميزة في لونها ومزاجها وطبيعتها .
متمنيا من الجميع المساهمة في هذا البوست كل حسب معلوماته حتي تعم الفائدة وندلو بدلونا في هذا المجال ...
الموقع الجغرافي :تقع بانت شرق رفاعة على بعد حوالي 2 كيلو تقريبا واداريا تعتبر جزء لا تجزأ من مدينة رفاعة وهي اكبر قرى رفاعة على الاطلاق حيث تتميز بمساحتها الشاسعة وكثافتها السكانية العالية .
أصل التسمية :هناك شبه اتفاق بين اغلب سكان بانت بأن اصل التسمية جاء لكون ان المساحة التي كانت بين بانت ورفاعة كانت عبارة عن غابات واشجار كثيفة . فكانت هناك حركة نشطة بين بانت ورفاعة كما في كل عهد وذلك لارتباط القري بالمدن الطبيعي . فكان اهل بانت عندما يخرجون من رفاعة متجهين الي بانت مرورا بالاشجار الكثيفة تلوح لهم في الافق قريتهم فيقولون ( هديك حلتنا بانت ) ومن ثم تم اطلاق التسمية على قريتنا الشامخة .
الادارة الاهلية :كان لشيخ القرية كافة السلطات التنفيذية والقضائة كما يقال في علم السياسة الحديث . لذلك نجد في يد الشيخ كافة الصلاحيات في حل النزاعات والخلافات التي تدور بين ابناء القرية كما ان حكمه يعتبر نافذا وواجب التنفيذ ، ويعمد الشيخ في ذلك للصلح والحل بالتي هي احسن قبل العقوبات التي لم نسمع عنها كثيرا وذلك لان اصلا طبيعة سكان القرية هي الطيبة والاخلاق العالية والتمسك بقيم الدين السمحة وتعاليمه لذلك نجد ما ندر بأن يكون خلافات شخصية تصل الي الشيخ الا في مجال الزراعة والرعي .
حقيقة كتجربة شخصية او معاصرة لعهد شيوخ الحلة في بانت عاصرت الشيخ / بلة ود الزبير الذي كان شيخ حلة بكافة صلاحيات الشيخ وبعد أن توفاه الله الي مثواه الاخير – رحمه الله – خلفه عبد الله ود ابراهيم أمد الله في ايامه ولكن نجد في عهد الشيخ عبد الله ود ابراهيم نجد ان كثير من الصلاحيات حدت منه نتيجة لانشاء اللجان الشعبية في عهد الانقاذ .
وبالتالي لا نكاد نحس بوجود شخصية شيخ الحلة ككيان وشخصية اعتبارية . ولا ندري اخيرا ارادت ثورة الانقاذ باهل السودان ام رهقا بتكوين اللجان الشعبية وقتل نظام سياسي محبب للمواطن العادي ويناسب طبيعته وقريب منه ومشاكله واحتياجاته بعيدا عن اللون السياسي والتكتلات الحزبية .
الجانب الديني :من المسلم به بأن ود الفكي الزبير هو أول من أنشا خلوة لتعيلم القران الكريم في بانت وكان ذلك عام 1930 م حيث بدأ ينشر الدين والعلم الشرعي بين ابناء القرية وتعلم على يديه كثير من اهلنا الطيبين الذين مازالو يكنون لذلك الصرح الديني الشامخ مكانة علية ، فمن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر الاستاذ / عبدالله الهادي الاستاذ بجامعة القرآن الكريم وعلومه حيث يذكر هو شخصيا بداية تعلمه القرآن على يد الفكي الزبير وما زال يذكر تلك البقعة المباركة بشئ من الاجلال والتوقير – امد الله في ايامه .
ومن بعدها انتشرت الخلاوي في القرية لتشمل كافة المساجد ودور العبادة من اجل نشر وحفظ القرآن الكريم . وقد خرجت هذه الخلاوى عدد من الحافظين شاركوا في مسابقات على مستوى ولاية الجزيرة بل على مستوى السودان وحققوا جوائز طيبة .
كما لا ننسي ذكر الطرق الصوفية التي تعتبر سمة مميزة وعلامة واضحة في جبين قريتنا ، حيث تلاحظ البعد الصوفي متمثلا أمامك منذ ان تطأ أقدامك لثراها الطاهر . ويتعبر مسيد الشيخ الهميم علامة بارزة في هذا الصدد حيث يمثل نقطة انطلاقة ومحور ارتكاز لكل نشاط صوفي في القرية وتعتبر ( النوبة ) والليالي التي تقام كل اثنين وخميس وما يعلو تلك الامسيات من ذكر وتسبيح وتهليل يعبق في سماءنا الهادئة لا يشقها الا صوت الطار وهمهمات المحبين والعاشقين لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
التعليم في بانت :يعتبر بانت في هذا المجال رائدة من رواد التعليم في قري رفاعة وبل في مدن السودان قاطبة حيث تم تأسيس اول مدرسة بها في خمسينات القرن الماضي وتحديدا في عام 1957 حيث تم انشاء مدرسة بانت الابتدائية والتي تسمي الان مدرسة الشهيد عوض الشفيع كما تلتها مدرسة البنات وتسمي اليوم مدرسة خولة بنت الازور . اضافة للمدارس الثانوية للبنين والبنات حيث تشتمل كل مدرسة على نهرين للاولاد والبنات مما اسهم اسهاما فاعلا في تخريج اجيال من العطاء تفردوا في كافة المجالات .
الجانب الاجتماعي والثقافي :ان ما يميز بانت بالتحديد وغيرها من قرى السودان هي التواصل الاجتماعي بين افراد القرية فبالاضافة لصلة القرابة العميقة التي تربط بينهما يعتبر الرابط الاجتماعي قوي جدا وذلك لنسبة الوعي المرتفعة جدا في القرية فبرغم ملامح المدنية الظاهرة في العمران والتكنولوجيا الحديثة الا ان من اهم السمات العلاقات الاجتماعية الممتازة بين افراد بانت حيث تجدهم مع بعض في الافراح والاتراح والمناسبات تعلو على شفاههم علامات الابتسامة والرضا . حتي دون الاجتماعيات التي تصهرهم في بوتقة واحدة نجد التواصل الحميم هو السمة الغالبة بينهم بعيدا عن علاقات القرابة وصلة الرحم لذلك هم اقرب للاخوة والاسرة الواحدة من قرية بحجم بانت .
وقد انبت هذا التواصل الاجتماعي والوعى الثقافي كثير من النشاطات الثقافية التي طالما احيت لياليها بكثير من الابداع في شتي مجالات الحياة .
فبالاضافة للجان المكونة من ابناء كل حي من احياء بانت وهي كالتالي - دون اولوية حي على الاخر في ذكر الاسم - حي المحس – حي المغاربة – حي الشريفاب – حي القريداب – حي البلياب – الحي الجنوبي والحي الغربي وهي تعتبر امتدادات للاحياء القديمة .
ففي كل حي لجنة تشرف على كثير من النشاطات التي تمس الحي بالتحديد وان كان يغلب على هذه اللجان الجانب الخدمي .
انبثقت كثير من الروابط والاتحادات التي سجلت اسهامات مقدرة في النشاط الثقافي والاجتماعي بالقرية كاتحاد الشباب السوداني – ورابطة ابناء حي المحس – ورابطة طلاب وخريجي بانت بالجامعات والمعاهد العليا كما اسهمت الاندية الرياضية اسهاما فاعلا في هذا الجانب .
الجانب الرياضي :تعتبر الرياضة في بانت من الجوانب المهمة في حياتها وقد قدمت بانت كثير من اللاعبين الافذاذ على مستوي المنطقة . ويعتبر نادي الجهاد من اعرق الاندية في بانت اضافة لنادي الزهرة والرابطة كما ضمت اندية اخري عاشت لفترة وانتهت او اندمجت وكونت فريق واحد كالموردة والمريخ والوادي . وفي هذا الجانب بالتحديد نحتاج لكثير من الاسهاب في موضع اخر لنبرز اهم الشخصيات والرواد في المجال الرياضي في القرية .
الجانب الصحي :يعتبر المركز الصحي ببانت دعامة اساسية من دعامات الصحة في بانت حيث قام بانشائه كل من المرحوم عمر فضل المولي والمرحوم محمد ود الطاهر وعمر محمد خير حيث كان لهم القدح المعلى في انجاز هذا الصرح الذي استطاع ان يقدم خدمات صحية جليلة للقرية نسأل الله ان يكون ذلك في ميزان حسناتهم . وقد تعاقب على هذا الصرح الشامخ مساعدي اطباء معروفين بخبرتهم العملية والعملية وتضحيتهم بالغالي والنفيس من اجل مواطني بانت نذكر منهم الدكتور علي عمر الذي ما زال يذكر بكل خير بين ابناء القرية رغم انه من رفاعة ولكن بقائة في بانت وخدماته التي يقدمها كان لها الاثر الطيب في ذلك ، اضافة للدكتور عوض الماحي والدكتور قسم محمد علي نسال الله لهم العافية .
وقد تمكن أبناء بانت من ترميم المركز القديم وتم إنشاء مركز صحي حديث على مستوى عالي من الإمكانيات وقد بدأ هذا المركز يزود القرية بخدماته الطبية المميزة قبل 10 يوم بالتحديد ففيه يزجد اسرة للمرضي وعربة إسعاف وأطباء مهرة نرجو ان يساهموا بقدر كبير في تطوير القرية صحيا .
هذا قيض من فيض وقطرة في بحر ومازال الكثير الذي يستحق ان يحكي عنه ولكن نترك المجال ونفسح الطريق لأقلام اخري لترمي بسهامها في هذا المجال . ونعتقد ان هذا المقال ربما يثير حفيظة البعض ويدفع البعض الآخر ليخطوا بيراعهم ويدلون بدلوهم ويثير شجون للكتابة عن تاريخ بانت ، فهذه النقاط مفاتيح ورؤؤس مواضيع لتناول ثر ونقاش مثمر وجاد ......